استخدم وزير الدفاع اللبناني إلياس المر ألفاظاً بذيئة في معرض احتجاجه على إحجام اللبنانيين السنة عن تصعيد قضية سلاح حزب الله, فقد كشفت إحدى وثائق ويكيليكس التي نشرتها جريدة الأخبار اللبنانية عن الاستياء البالغ للوزير من سلاح حزب الله, وعدم رغبة السنة مشاركة الدروز والمسيحيين في التصعيد حول نزع سلاح الحزب خشية زيادة التوتر الطائفي بينهم وبين الشيعة.
كما كشفت الوثيقة كذلك عن استياء الوزير المذكور من ضعف أداء الجيش الإسرائيلي أثناء حرب تموز 2006, متنبأً بأن ذلك سيجعل حزب الله في موقع يمكنه من خلاله أن "يملي على اللبنانيين ما سيقبله وما سيرفضه من بنود".
رقم البرقية: 06beirut2665
التاريخ: 16 آب 2006 9:37
الموضوع: لبنان: وزير الدفاع ينتظر قرار مجلس الوزراء بانتشار الجيش اللبناني
مصنّف من: جيفري فيلتمان، السفير.
ملخّص
1. خلال اجتماع تشاؤمي يوم 15 من آب، مع السفير وأحد الدبلوماسيين السياسيين في السفارة، قال وزير الدفاع الياس المر إنه ينتظر قرار مجلس الوزراء ليسرّع عملية نشر الجيش اللبناني في الجنوب، لكن برأيه الشخصي لا يمكن الجيش اللبناني التأقلم في الجنوب مع حزب الله المسلّح. وقال إنه يجب أن يعزَّز الجيش اللبناني جيّداً في أقرب وقت ممكن، لدحض اعتقاد حسن نصر الله الفظ والمتعالي في خطابه يوم 14 آب، بأن الجيش اللبناني لا يمكنه الدفاع عن لبنان وحده. وأشار المرّ إلى أن الأداء الإسرائيلي الضعيف نسبيّاً، وخاصة في الأيام الأخيرة من النزاع، قد دعم حزب الله، مما يدفعه إلى التردّد في تسليم سلاحه حتى في منطقة جنوبي الليطاني. وإذ وصف الجو العام في مجلس الوزراء (ملاحظة. حتى هذه اللحظة، لم ينعقد اجتماع مجلس الوزراء، الذي كان مقرراً يوم 13 آب، نتيجة خلافات حول نزع السلاح. انتهت الملاحظة)، أعرب المر عن قلقه تجاه ضعف الإرادة لدى القيادة السنّية – وخاصة السنيورة – لتحدّي الشيعة في مسألة نزع السلاح الآن، وأن عدم رغبتهم في ترويع حزب الله قد تترك الجيش اللبناني غير المجهّز وسط وضع مشتعل وخطير في الجنوب. (انتهى الملخّص)
أسوأ جيش في العالم
2. جالساً في مكتبه ومحاطاً بمجموعة رائعة من أيقونات الروم الأرثوذكس، أعلم المرّ السفير أن ضباطاً رفيعي المستوى من الجيش اللبناني وجيش الدفاع الإسرائيلي اجتمعوا يوم 14 آب في مقر اليونيفيل في البلدة الجنوبية، الناقورة، كي ينسّقوا عمليّتي الانسحاب والانتشار، مشيراً الى أن الإسرائيليين تصرّفوا «بطريقة ودّية» وسألوا عمّا إذا كان بإمكان الجيش اللبناني أن «يأتي غداً». اندهش المرّ بواقع أن الإسرائيليين قد سحبوا معظم جنودهم من الجنوب، رغم أن الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل المعززة قد لا ينتشران إلا بعد أيام عديدة. واشتكى المر من ملء حزب الله للفراغ الذي أحدثه «الفشل الإسرائيلي في البرّ». إضافة إلى ذلك، فإنّ ما وصفه (المرّ) بالأداء العسكري الإسرائيلي الضعيف، خاصة في اليومين الأخيرين حين قُتل عشرات الإسرائيليين، قد ترك لدى حزب الله إحساساً بالعناد والانتصار. وتذمّر المر قائلاً «يضعنا جيش الدفاع الإسرائيلي في موقف صعب»، مضيفاً بتباهٍ نموذجي، «إنهم أسوأ جيش في العالم».
3. قال المر إن حزب الله، بما أنه حارب الجيش الإسرائيلي الذي لا يُهزَم وأوصله إلى طريق مسدود في العمليات البريّة، يعتقد الآن أنه في موقف يسمح له بأن يملي على اللبنانيين ما سيقبله وما سيرفضه من بنود. فيما بدا منذ أسبوع وحسب، أن حزب الله قد وافق ظاهرياً على نشر الجيش اللبناني ونزع سلاحه جنوبي الليطاني، فإنّه بحلول يوم الأحد 13 آب، لم يعد حزب الله يتمتّع بهذا المزاج السخي، وفرَض تأجيل انعقاد مجلس الوزراء. وأكّد حزب الله من خلال خطاب نصر الله يوم 14 آب، عبر تصوير نفسه «المنتصر» المزعوم في هذا النزاع، أنه لن يقدّم المزيد من التنازلات. «يعتقد نصر الله أنه أقوى من عبد الناصر وأكبر من الأسد»، قال المر متعجّباً: «يحمل حزب الله راية هزيمة إسرائيل. سيصبح نصر الله عدوانياً جدّاً الآن».
«لا ركبتان»
4. أقرّ المر بأن احتمال نشر الجيش اللبناني في منطقة تعجّ بأفراد حزب الله المسلّحين ليس احتمالاً مثالياً، ولو أعطي حق الاختيار، فإنه لن يرسل الجيش كي يغدو «فيليه» بين حزب الله وإسرائيل. قال المر، إنه لو رجع الأمر إليه، فإنه يفضل الاستقالة على أن يزج بهذا الموقف. لكنه يعتقد أن مجلس الوزراء في نهاية المطاف سيعطي الضوء الأخضر النهائي لتنفيذ عملية الانتشار، الأمر الذي سيلتزم به، رغم اعتقاده بأن مسألة سلاح حزب الله في الجنوب، للأسف، ستبقى من دون أي حلّ. قال المر إنه أثار قضية نزع السلاح خلال اجتماع لمجلس الوزراء يوم السبت، 12 آب، لكن أعرب آخرون في المجلس عن عدم رغبتهم في متابعة هذا الموضوع في ذلك الوقت. «فجّرتْ توصيتي الحكومةَ في الاجتماع الأخير». أضاف أن وزير حزب الله للطاقة والمياه، محمد فنيش، أجاب عن سؤال حول السلاح، «تريدون أسلحتنا التي تحمي لبنان من إسرائيل؟ تعالوا لأخذها بالقوّة». (تعليق: حسب زعمه، فإن المر أثار بالتأكيد مسألة نزع السلاح خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء. ذكر إبراهيم الأمين، الذي يُنظر إليه كناطق بلسان نصر الله، في افتتاحية في عدد 14 آب من جريدة «الأخبار»، «صرّح وزير الدفاع بأنه مستعد لنشر الجيش في الجنوب، شرط عدم وجود أي مظاهر مسلحة، إلا تلك التابعة للجيش. انتهى التعليق).
5. يأمل المر أن تسبّب مسألة نزع السلاح بـ»تفجير» الاجتماع المقبل لمجلس الوزراء، متى تقرر انعقاده. وعبّر عن أسفه قائلاً إن الاشخاص الوحيدين المستعدّين لمواجهة حزب الله وجهاً لوجه هم، إضافة إلى المرّ نفسه، الأطراف غير السنّية في 14 آذار، أي جو سركيس وبيار الجميّل ونايلة معوّض ومروان حمادة. من ناحية أخرى، اشتكى قائلاً إنه «ليس للسنّة ركبتان ولا خبرة» لمعارضة حزب الله. وتذمّر المر قائلاً: «كان على سعد (الحريري) أن يكون أكثر صرامة منذ البداية، وفي الوقت نفسه، طلب رئيس الحكومة السنيورة من المرّ أن يكون «صارماً لكن سلساً» حيال مسألة نزع السلاح، وألا يسبّب له أية مشاكل. (ملاحظة: تلقى المر خلال الاجتماع اتصالاً من رئيس الحكومة السنيورة، يطلب منه الاتصال به عند مغادرة السفير. داعياً السفير إلى عدم المغادرة، عاود المر الاتصال بالسنيورة بعد خمس دقائق. أراد رئيس الحكومة معرفة موقف السفير بخصوص مسألة نزع السلاح. انتهت الملاحظة). قال المرّ إن السنّة لا ينوون زعزعة الاستقرار خشية زيادة التوتر السني – الشيعي، وسيسلمون زمام القيادة الى الدروز والمسيحيين. مطلقاً سيلاً من الشتائم، قال المر متذمّراً: «هذه هي المشكلة مع السنّة، يريدون ممارسة الجنس مستخدمين عضو الآخرين». («This is the problem with the Sunna, they want to f**k with the d**k of others.»).
تعزيز الجيش
6. صرّح المرّ بأن عملية انتشار الجيش قد تمضي قدماً، إلا أن عملية نزع سلاح حزب الله في الجنوب معلقة في الوقت الحالي. وقال المرّ إن الخيار الأفضل هو تعزيز الجيش اللبناني وزيادة عدد قوات اليونيفيل في أقرب وقت ممكن. وإلا فسيستمر حزب الله بالزعم، كما أعلن حسن نصر الله خلال خطابه المتلفز يوم 14 آب، أن الجيش غير مجهّز تجهيزاً فعّالاً، أي إنه غير قادر على حماية لبنان. يريد المرّ أن ينتزع الورقة الرابحة من يد حزب الله وحلفائه السوريين والإيرانيين. قال المر إن حزب الله استخدم معدّات فائقة التطور، كالصواريخ الكورية المضادة للدروع المعدّلة في إيران لاختراق درع «الميركافا»، كي يهزم إسرائيل. على الجيش اللبناني أن يكون مجهزاً بمعدات متطورة، «كي يقاوم ويدافع ويدمّر إذا لزمه الأمر» – في إشارة واضحة إلى كل من إسرائيل وحزب الله. سأل المر عن إمكان دعم الجيش اللبناني وتجهيزه بسرعة، كي يتمكن اللبنانيون بعد «ثلاثة أشهر» من الحضور إلى طاولة الحوار والقول لحزب الله، شكراً لكن لم تعد هناك حاجة لسلاحهم للدفاع عن البلد. وشرح المرّ أنه يرى بسط الجيش يده العليا تدريجاً على حزب الله من خلال تركيبة تجمع تجهيز الجيش بمعدات جديدة وتعزيز قوات اليونيفيل وعرقلة وصول شحنات الأسلحة إلى حزب الله.
7. بالنسبة إلى مراقبة الحدود بين لبنان وسوريا، قال المر إنه لا مشكلة في نقل 7500 جندي من الجيش اللبناني لنصب الأسيجة ومعدات المراقبة، مضيفاً «ستساعدنا اليونيفيل». عندما سأل السفير كيف خطّط المرّ للحصول على تأييد مجلس الوزراء لهذه الخطة، لوّح المرّ بيده مستخفاً وقال «إن فرض القانون على الحدود لا يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء».
تعليق
8. رغم عدم صحّة قوله إن مراقبة الحدود لا تحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء، يبدو المرّ، أخيراً، أنه يعي التعقيدات المتعلقة بانتشار الجيش في الجنوب (ملاحظة. راجع البرقيات السابقة للاطلاع على توقعاته المتفائلة سابقاً. انتهت الملاحظة). من بين الخيارات المطروحة أمام الحكومة اللبنانية – عدم نشر الجيش نهائياً، نشر الجيش بوجود مسلح لحزب الله، أو نشر الجيش مع وجود حزب الله مسلحاً في الجنوب – فالواضح أن الخيار الأخير هو الأفضل. كما يفضل المر هذا الخيار أيضاً، لكنّه ينوي القبول بالخيار الثاني إذا تقرر ذلك في مجلس الوزراء. تكمن حجة المرّ في أنه يجب على لبنان أن لا يخسر الفرصة التاريخية بدخول الجيش إلى الجنوب، وأن إعادة تجهيز الجيش (وتعزيز قوات اليونيفيل) سترجح ميزان القوة في الجنوب لمصلحة الجيش اللبناني.
9. إن تعليقات المر عن التحفظ السني على مواجهة حزب الله، تسلِّط الضوء على قلق حقيقي يحيط بالمقايضة السياسية الحالية في لبنان. إذا لم يقرر السنيورة وآخرون من حركة 14 آذار الوقوف متّحدين – موارنة وسنة ودروزاً – وإجبار حزب الله على نزع سلاحه في الجنوب الآن، متجاهلين محاولات سوريا وحزب الله لوصفهم بـ»الخونة» المتعاملين مع «الكيان الصهيوني»، فستظهر الحكومة اللبنانية كأنها ترضخ للخيار الثاني – أي نشر الجيش اللبناني وزيادة عدد قوات اليونيفيل وحزب الله مسلّحاً من جهة، وإسرائيل متشنجةً على طول الخط الأزرق من جهة أخرى. كنّا قد أشرنا إلى وضوح موقف موارنة 14 آذار في مسألة نزع السلاح، رغم تلقيهم تهديدات بالقتل يلمّح إليها ضمنياً إعلام حزب الله، أما من جهة الدروز، فقد يضيف جنبلاط على هذه المطالب خلال مؤتمر صحافي يوم 17 آب. تبقى نقطة الضعف الوحيدة متعلقة بالسنّة ونبيه بري – الذي رغم كرهه لحزب لله، فإنه قد لا يواجهه علناً – وسنعمل على تقوية العمود الفقري لكل من السنيورة وسعد الحريري وأعضاء سنّة آخرين في 14 آذار وضمّهم إلى المعركة – إن لم يكن علناً، فعلى الأقل في مجلس الوزراء –، من أجل الضغط على حزب الله لتسليم سلاحه الآن، في الجنوب على الأقل. وكما سنورد في برقيات لاحقة، فإن السفير التقى السنيورة يوم 16 آب – أي بعد يوم واحد من المحادثة مع المر – والسنيورة يتحرك نحو استعادة المبادرة لتنفيذ القرار 1701 خطوة بخطوة.
فيلتمان
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire