أظهرت إحدى برقيات الدبلوماسية الأميركية نشرتها صحيفة الباييس الإسبانية بعد أن سربها موقع "ويكيليكس"، أن اسبانيا كانت قلقة من "تفشي الفوضى في موريتانيا"، وسيطرة الجماعات الإسلامية عليها، وبالتالي تحولها إلى صومال آخر لا يبعد سوى 300 كلم عنها.
تقول البرقية: إن موريتانيا كانت من دول المغرب العربي التي ضربها نشاط القاعدة والجماعات المشابهة لها بشدة، وإن اسبانيا بعد فرنسا كانت من الدول الأجنبية التي ضربها ذلك النشاط. لذلك عندما "اغتيلت الديموقراطية" عام 2008 بمجيء الجنرال محمد ولد عبد العزيز إلى السلطة بانقلاب عسكري، لم يكن القتال من أجل الديموقراطية هو هم اسبانيا الأول، بل "المصلحة الوطنية الاسبانية".
البرقية عددت أسماء مسؤولين اسبان كثر في مختلف الوزارات السيادية كلهم أكدوا الرسالة نفسها في محادثاتهم مع الدبلوماسيين الأميركيين "الأمن قبل الديموقراطية".
وتقول إن ظهور دولة فاشلة في غرب أفريقيا هو أحد الكوابيس التي تخافها فرنسا أيضا، خاصة بعد تدهور الوضع في غينيا بيساو وتحولها إلى ممر رئيسي للمخدرات التي تذهب إليها، وبروز دلائل على تمدد نشاط القاعدة في بلاد المغرب إلى بوركينا فاسو.
ورغم أن الانتخابات، التي نظمها ولد عبد العزيز بعد عزل الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، وفاز فيها بأغلبية مطلقة، تحوم حولها شكوك كبيرة، فإن ذلك لم يكن من أولويات المسؤولين الاسبان، فالبرقية تورد توصيات اسبانية بالتعامل مع ولد عبد العزيز لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
وتنقل البرقية عن المدير العام للشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية الاسبانية فيدل سينداغورتا قوله عام 2008 "يجب علينا العمل معهم لنحقق أهدافنا في الحرب ضد الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتطبيق اتفاقيات صيد الأسماك التي أقرها الاتحاد الأوروبي"، وتقول إن اسبانيا وفرنسا تتشاطران الرأي في ضرورة إطلاق سراح الرئيس الموريتاني السابق ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية، ولكن على ألا يعود إلى السلطة رغم أنه رئيس منتخب.
تقول البرقية التي كتبها السفير الأميركي مارك بولوير إن اسبانيا والمغرب كانتا أول الدول المهنئة لولد عبد العزيز على فوزه في الانتخابات المثيرة للجدل، بينما فضلت الولايات المتحدة وفرنسا الانتظار.
المسؤولون في الداخلية الاسبانية برروا للمسؤولين الأميركيين سبب عدم اكتراثهم بعودة الديموقراطية إلى موريتانيا ـ بينما كان ذلك الهم الأول للولايات المتحدة وبعض العواصم الأوروبية ـ بأن اسبانيا تعاني من تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر موريتانيا إلى جزر الكناري الاسبانية.
لكن البرقية تشدد على أن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والخطر الذي تمثله هو التهديد الأول الذي تضعه اسبانيا على رأس أجندتها. تقول البرقية "قال المقدم مانويل نافاريتي من استخبارات خفر السواحل الاسبانية لمجموعة من المدعين العامين الأميركيين في يناير الماضي، إنه يقدر وجود 100 إلى 800 رجل مدججين بالسلاح منتشرين بين الجزائر والساحل".
وفي الوقت الذي حيت البرقية الجهود الأميركية في رفض الحكم العسكري لموريتانيا، والتي ادعت أنه حقق لها شعبية واسعة بين الموريتانيين المناوئين والمناصرين للرئيس الجديد، فإنها أكدت على ضرورة عمل الولايات المتحدة مع الموريتانيين لمكافحة ما يسمى الإرهاب.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire